{اللّه وإبليس وجهان لعملة واحدة}
هناك في القرآن صفات تُنسب إلى اللّه، وأحرى بها في الحقيقة أن تُنسب إلى إبليس، بحيثُ يرى المرء تداخلاً بين اللَّه وإبليس. هل تصدِّقون أنَّ الإضلال الذي هو صفة رئيسة ثابتة من صفات إبليس يُنسب في القرآن ـ نعمْ في القرآن ـ إلى اللَّه بمقدار ما ينسب إلى إبليس؟ وللدلالة على ذلك نُثبت في ما يلي سبعاً من المثاني لنرى مدى الاشتراك بين اللَّه وإبليس في بعض الصفات
اللّه وإبليس
الله:
«وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمينَ وَيفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاء» (14/ 27)
ابليس:
«وَلا تَتَّبِعِ الهَوَى فَيُضِلَّكَ [الشيطانُ] عَن سَبيلِ اللّه» (38/ 26)
الله:
«فَإنّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشاءُ وَيَهدِي مَن يَشاءُ» (35/ 8)
ابليس:
«كُتِبَ عَليه أنّه مَن توَلاَّهُ [إبليس] فَأَنَّه يُضَلُّهُ» (22/ 4)
الله:
«وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن هَادٍ» (13/ 33)
ابليس:
«وَيُرِيدُ الشَّيطانُ أنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعيداً» (4/ 60)
الله:
«أَتُرِيدُونَ أنْ تَهْدُوا مَن أَضَلَّ اللّهُ» (4/ 88)
ابليس:
«وَلَقَدْ أضَلَّ [الشيطانُ] مِنْكُمْ جِبِلاً كَثِيراً.أَفَلَمْ تَكونوا تَعقِلون»(36/62)
ولنر أيضاً مدى الإشتراك بين اللَّه وإبليس في تزيين أعمال السوء:
الله:
«إنّ الذينَ لا يُؤمِنُون بالآخِرةِ زَيَّنَّا لَهم أعمَالَهم» (27/ 4)
ابليس:
«وَزيّنَ لَهُمُ الشَّيطَانُ مَا كَانوا يَعمَلونَ»(6/ 43)
الله:
«كذلكَ زَيَّنَّا لكلِّ أُمَّةٍ عمَلَهم» (6/ 108)
ابليس:
«وَزيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ أعمَالَهم»(27/ 24)
الله:
«وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إليكُمُ الإيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلوبِكُم» (49/ 7)
ابليس:
«قَالَ [إبليس]: رَبِّ! بِمَا أَغْوَيتَنِي؟! لأُزَيِّنَنَّ لَهُم فِي الأرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُم أجْمعِينَ» (15/ 39).
والآن مَنْ المُضلّ ومن المزيِّن: اللَّه أم إبليس؟ وما الفرق بينهما؟ أنا حائر، فهل يشاركني الآخرون في حيرتي؟ وهناك صفات شرّيرة أخرى يشترك فيها اللَّه مع إبليس مثل الإغواء: «رَبِّ! بمَا أَغْوَيتَنِي؟.. وَلأُغْوِيَنَّهُم أجْمعِينَ» (15/ 39)، والفتنة: «ولَقَد فَتَنّا الذينَ مِن قبلهم» (29/ 3)، «يا بَني آدم لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشِّيطانُ» (7/ 27).
وهكذا، فإذا كان الإضلال والتزيين والإغواء والفتنة صفات شريرة مشتركة بين اللَّه وإبليس بنصِّ القرآن، فما الفرق إذن بين اللَّه وإبليس؟ أفلا يدلُّ ذلك على أنّ اللَّه وإبليس كائنٌ واحد؟ وعلى أنَّ اللَّه هو الجانب الخيّر من هذا الكائن، وأمّا إبليس فهو الجانب الشرير منه، أي على أنَّهما وجهان لعملةٍ واحدة؟
وإنْ كنتم في شكٍّ من ذلكم فدونكم هذه الآية الطويلة لتروا ما إذا كان في الإمكان التفرقة فيها بين اللَّه وإبليس، وبين الملائكة والشياطين:
«واتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشّياطينُ على مُلْكِ سُلَيمانَ. وما كَفَرَ سُلَيمانُ ولَكِنَّ الشّياطينَ كَفَرُوا. يُعَلِّمُونَ النّاسَ السِّحْرَ وما أُنْزِلَ على المَلَكَينِ بِبَابِلَ: هارُوتَ ومَارُوتَ، وما يُعَلِّمانِ مِنْ أحَدٍ حتّى يَقولا: إنّما نحنُ فِتْنَةٌ. فلا تَكْفُرْ فيَتَعَلَّمُونَ منهُما ما يُفَرِّقُونَ به بينَ المَرْءِ وزَوجِه، وما هُم بضَارِّينَ به مَنْ أَحَدٍ إلاّ بإذن اللّهِ. وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ ولا يَنْفَعُهُمْ، ولَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ في الآخِرَة مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوا بهِ أنْفُسَهُمْ لو كانوا يَعْلَمونَ» (2/ 102).
قولوا لي بربكم: هل يفعل الشيطان أكثر مما يفعل هذان الملكان؟ وبالتالي: هل يفعل إبليس أكثر مما يفعل اللَّه الذي أنزل من السماء ـ نعم من السماء، صدّقوا أو لا تصدّقوا ـ هذين الملكين بمهمّة مستعجلة خاصّة ذات أهداف محدّدة محصورة في تعليم الناس السحر، لماذا؟ للتفرقة بين المرء وزوجه وتعليم الناس ما يضرُّهم ولا ينفعهم. وبعد أن ينفثا فيهم روحَ الفساد ويقدِّما لهم جميع الإغراءات والمحسنات لتزيينه في نفوسهم، وبعد أن يتمكّن منهم هذا الفساد، يخنسان كالثعلب ثمّ يحذرانهم من الإتيان بهذا الفن الشيطاني.
مَن المجرم؟ اللّصُّ أم أنتَ الذي أغريتَه بالسرقة وهيّأت له جميع أسبابها، ففتحتَ له الأبواب، وكشفتَ له الخزائن، ثم قلت له: إيَّاك إيَّاك أن تسرق شيئاً. فسرَقَ ما لذّ له وطاب من غير أن تأخذ على يده وتَحُولَ بينه وبين ما يريد؟ أليس هذا «كمثل الشَّيطانِ إذ قال للإنسان اكفرْ. فلمّا كفَرَ قال: إنّ بريءٌ منك، إنّي أخاف ربَّ العالمين» (59/ 16). ما حكم الفساد والإفساد والمفسدين في القرآن؟ «ولا تُفسِدوا في الأرضِ بَعد إصلاحِها» (7/ 56).
وإفساد ذات البين كالتفرقة بين الزوجَين، أليس فساداً أم هو إصلاح؟ لعلّه عمل مباح، بل مأمور به إذا تولاّه مَلَكان نزلا من السماء بأمرٍ من رب السماء ليقطعا ما أمرَ اللَّه به أن يوصل؟ «الذين يَنْقُضُونَ عهدَ اللَّه مِن بعدِ مِيثاقِه، ويَقطَعون مَا أمَر اللَّه به أنْ يُوصَلَ. ويُفسدونَ في الأرض، أولئكَ هُمُ الخاسِرونَ» (2/ 27)، بل عليهم اللعنة «وَالذينَ يَنقُضونَ عهدَ اللَّه مِن بعدِ مِيثاقِه، ويَقطَعون مَا أمَر اللَّهُ به أنْ يُوصَلَ، ويُفسِدُون في الأرض أولئكَ لهُمُ اللعنةُ ولهمْ سُوءُ الدَّارِ» (13/ 25).
في الكثير من آيات القرآن، يجد المرء صعوبة بالغة في التفرقة بين اللَّه وإبليس. وعليه أن يكون مفتوح العينين، لا تعلوهما غشاوة إيديولوجية أو عمى ديني أو تشنّج مذهبي، ليقرّ بالحقيقة الواقعة.
أنا حائر حقاً أمام هذه الآيات، ولا أدري كيف انزلقتْ في النص القرآني، وإنْ كان المفسِّرون الثرثارون يستطيعون، بترقيعاتهم ومغالطاتهم المعهودة، إنقاذَها بسهولة، وإيجادَ ما لا حصر له من المخارج لها.
إنَّ الكمال مضر بالألوهة إذ يجعلها مكتوفة اليدَين، مشلولةً، عاجزةً عن التصرّف والحركة، وغيرَ قادرة بالتالي على وقف ما يجري في هذا العالم من شرور ومظالم.
إنَّ تفسير وجود الشرّ في العالم، بالإصرار على كمال اللَّه وتنزيهه من كلِّ نقص، مستحيل، ولكنَّ المؤمنين من العامّة والخاصّة وخاصّة الخاصّة، من الحاج سعيد خمخم وأبي قاسم الطنبوري وأم مخاييل، إلى الغزالي والقدّيس أوغسطين، حتى أرسطو وديكارت.. هؤلاء وأمثالهم حشدوا كلَّ ما يخطر بالبال من قيم رفيعة ومُثُلٍ عليا وكمالاتٍ لا حدّ لها، وجمعوها في باقةٍ واحدة، ثم أطلقوا عليها لفظ «الجلالة»، وهم يحسبون أنّهم يُحسنون صنعاً.
لقد وقعتِ المعجزة، وتحقّقت الكمالات بعد أن كانت باقة مرصوصة في الذهن. لقد كانت طَيفاً فأصبحت شيئاً. البعرة تدل على البعير. والقدم تدل على المسير. المشكلة منذ الآن سهلة الحلّ، فلِمَ عَمِيَ عنها الضالّون المضِلُّون؟ قاتلهم اللَّه أنَّى
يؤفكون! لقد حُلّت المشكلة اليتيمة ولو كان حلاً دراميّاً على حساب العقل والمنطق. لكلِّ سؤال جواب، وفي الحشو والتدليس خير جواب.
لم يخطر لجامعي الكمالات في باقة واحدة ليصنعوا منها إلهاً ما سينجم عن ذلك من إحالات واستحالات. لقد حشدوا في هذه الباقة كلَّ ما يتخيَّل الذهن من كمالات، لكنّهم عجزوا عن تفسيرِ نقصٍ واحدٍ في هذا العالم. فلو أضافوا إلى هذه الكمالات بعض النقائص إذن لحُلَّت مشكلة الشرِّ في العالم.
لقد سدّوا جميع المنافذ بعد أن جعلوا اللَّه خيراً محضاً بمنأى عن كلِّ ما نرى في هذا العالم من نقص، ثمّ تساءلوا: من أين دخل الشرّ في العالم؟!
فلا وربِّك! لا تفسير لدخول الشرِّ في العالم إلاّ بتقريب المسافة بين اللَّه وإبليس. هذا إذا كنّا مصرّين على الإيمان باللّه ومعرفة مدى مسؤوليّته عن تغلغل الشرّ في العالم. وإلاّ فللشرِّ تفسيرات أخرى أكثر جدّية وعقلانيّة، وأبعد عن الترقيع والتدليس والمماحكات الفارغة وتحميل الأشياء أثقالاً يصعب عليها أن تنهض بها.
هل وجود الشرّ في العالم يعني أنَّ اللَّه غيرُ موجود؟
لا تحاولوا البحث عن حلٍّ لما لا حلَّ له. وإنْ كنتُ أعترف بأنّ الإنسان العادي، بل المفكّر الكبير والفيلسوف العملاق كأرسطو في الزمن القديم، وكانط في العصر الحديث، يصعب على أيٍّ منهم أن يتخلّص من فكرة وجود اللّه، أو على الأقلّ وضعه بين قوسين.
وأرجحُ الظنِّ لديّ أنَّ هذه الصعوبة هي التي فرضت علينا وجودَ اللّه، شِئنا أو أبَينا.
المصدر:
كتاب/ محنتي مع القرآن والله
المؤلف/ عباس عبد النور
الصفحة/ ٢٥٥
إضافة من عندي
الله :
«وهو الذی خلق السمـٰو ٰت والۡأرۡض فی ستة أیامࣲ وكان عرۡشهۥ على الۡماۤء» [هود ٧].
إبليس :
«إنَّ إبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ علَى الماء»
المصدر : صحيح مسلم - حديث رقم 2813
لذلك هناك جماعات تعبد الشيطان . فهم يعتقدون ان الشيطان كائن قوي ينافس الله و انه سيحميهم من الله. و يعتقدون أن الشيطان يريد من الانسان ان يكون فرح و أن الله يفضل الحرمان, و دليلهم ان الشيطان تحدى الله في حادثة آدم ولم يفعل الله له شيء . ماذا لو تحدى الانسان الله؟ فحسب الديانت الابراهيمة كلها سيأتي الرد مباشرة بضرب هذا الانسان المتحدي بمزربة. و الله و الشيطان أعلم.
ردحذف