دم الكافر غير مساوي لدم المسلم !
جاء في شرح صحيح البخاري لابن عثيمين
نشر ( المكتبة الإسلامية ) القاهرة
وتم النشر ايضا بواسطة ( النبلاء للكتاب ) مراكش
الطبعة ( الأولى )
الجزء ( التاسع )
الصفحة ( 298 )
كِتَاب ( الدِّيَاتِ )
بَاب ( لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ )
حديث رقم 6951 .
قال حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ أَنَّ عَامِرًا حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَلِيٍّ: ح حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ الْفَضْلِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يُحَدِّثُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ : سَأَلْتُ عَلِيًّا هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ مَرَّةً مَا لَيْسَ عِنْدَ النَّاسِ فَقَالَ : وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ مَا عِنْدَنَا إِلَّا مَا فِي الْقُرْآنِ إِلَّا فَهْمًا يُعْطَى رَجُلٌ فِي كِتَابِهِ وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قُلْتُ : وَمَا فِي الصَّحِيفَةِ قَالَ : " الْعَقْلُ وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ".
شرح الحديث /
○ الشاهد قوله : وان " لايقتل مسلم بكافر " فالمسلم لايقتل بكافر ابدا، والكافر يقتل به وهذا من موانع القصاص .
وهل نقول : من موانع القصاص اختلاف الدين، أو أن يكون القاتل اعلى من المقتول ؟
فالجواب : الثاني، ولهذا يقتل اليهودي بالنصراني، والنصراني باليهودي، مع اختلاف الدين لكن المسلم لا يمكن أن يقتل بالكافر والفرق بينهما من السنة ظاهر ومن المعنى ظاهر ايضا لان المسلم محترم والكافر وان كان معاهدا او ذميا فإنه دونه في الحرم .
جاء كذلك في شرح صحيح البخاري لابن بطال
نشر دار ( الرشد )
تحقيق ( ابو تميم ياسر بن إبراهيم )
الجزء ( الثامن )
الصفحة ( 565 )
فيه قال ابو جحيفه : " سالت عليا هل عندكم شيء مما ليس في القران ؟ قال : العقل، وفكاك الأسير، وأن لايقتل مسلم بكافر " .
شرح الحديث /
○ ذهب جمهور العلماء إلى ظاهر الحديث، وقالوا : لايقتل مسلم بكافر على وجه القصاص، روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت، وبه قال جماعة من التابعين وهو مذهب مالك والاوزاعي والليث والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وابي ثور، الا ان مالكا والثوري قالا ان قتله غيلة قتل به، وقتل الغيلة عندهم ان يقتله على ماله كما يصنع قاطع الطريق لايقتله لثائرة ولا عداوة .
وذهب ابي حنيفة واصحابه وابن ابي ليلى بقتل المسلم بالذمي، ولا يقتل بالمستأمن والمعاهد، وهو قول سعيد بن المسيب والشعبي والنخعي، وحكم المستأمن والمعاهد عندهم حكم اهل الحرب .
واحتج الكوفيون بما رواه ربيعة عن ابن البيلماني : " ان رسول الله قتل رجلا من المسلمين برجل من اهل الذمة، وقال : انا احق من وفي بذمته " .
قال ابن المنذر وهذا حديث منقطع وقد أجمع اهل الحديث على ترك المتصل من حديث البيلماني فكيف بالمنقطع ؟! .... الخ
ويرد ابن حزم على قول الاحناف برد منطقي !
كتاب ( المحلى في الاثار )
الجزء ( العاشر )
صفحة ( 226 )
طبعة ( دار الكتب العلمية ) - ( بيروت )
حيث قال :
"أما قول الله عز وجل (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس) فإن هذا مما كتب الله عز وجل في التوراة، ولا تلزمنا شرائع من قبل نبينا عليه الصلاة والسلام. وأيضاً ففي آخر هذه الآية بيان أنها في المؤمنين بالمؤمنين خاصة، لأنه قال عز وجل في آخرها: (فمن تصدق به فهو كفارة له) ولا خلاف بيننا وبينهم في أن صدقة الكافر على ولي الكافر الذمي المقتول عمداً ولا تكون كفارة له، فبطل تعلقهم بهذه الآية. وأما قوله عز وجل: (والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) فإن الخطاب في هذه الآيات للمؤمنين لا للكافرين، فالمؤمنون هم المخاطبون في أول الآية، وآخرها بأن يعتدوا على من اعتدى عليهم، بمثل ما اعتدى به عليهم، وليس فيها: بأن يعتدي غير المؤمنين على المؤمنين باعتداء يكون من المؤمنين عليهم أصلاً. وإنما وجب القصاص من الذمي للذمي بقوله تعالى: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) لا بالآية المذكورة.وأما قوله تعالى (وجزاء سيئة سيئة مثلها) فهو أيضاً في المؤمن يساء إليه خاصة لأن نصها: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفى وأصلح فأجره على الله) ولا خلاف في أن هذا ليس للكفرة ولا أجر لهم البتة. وأما قوله عز وجل (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثلما عوقبتم به) فكذلك أيضاً إنما هو خطاب للمؤمنين خاصة، يبين ذلك ضرورة قوله تعالى فيها (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) ولا خير لكافر أصلاً صبر أو لم يصبر. قال الله عز وجل: (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً) وأما قوله تعالى (ولمن انتصر بعد ظلم فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق) وقوله تعالى: (ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً)وقوله تعالى: (ثم بغي عليه لينصرنه الله)وقوله عز وجل: (كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى) والأخبار الثابتة التي فيها (النفس بالنفس) و (من قتل له قتيل فإما أن يودى وإما أن يقاد)، فإن كل ذلك يخص بقول الله عز وجل (أفنجعل المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون) وقوله تعالى: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون) وبقوله تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) فوجب يقيناً أن المسلم ليس كالكافر في شئ أصلاً ولا يساويه في شئ فإذا هو كذلك فباطل أن يكافأ دمه بدمه أو عضوه بعضوه أو بشرته ببشرته فبطل أن يستفيد الكافر من المؤمن أو يقتص له منه فيما دون النفس إذ لا مساواة بينهم أصلاً، ولما منع الله عز وجل أن يجعل للكافرين على المؤمنين سبيلاً وجب ضرورة أن لا يكون له عليه سبيلاً في قوده ولا في قصاص أصلاً ووجب ضرورة استعمال النصوص كلها إذ لا يحل ترك شئ منها"
ورد ابن حزم على استشهاد الأحناف بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقتل مؤمن بكافر فمن قتل متعمداً دفع إلى أولياء المقتول فإن شاءوا قتلوه وإن شاءوا أخذوا الدية).. قال أبو محمد بن حزم: "حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيفة لا يجوز الاحتجاج بها وهي مملوءة مناكير. ثم لو صحت لما كانت لهم فيها حجة، بل كانت تكون حجة لنا عليهم، لأن فيها أن لا يقتل مؤمن بكافر، فهذه قضية صحيحة قائمة بنفسها وهي قولنا. ثم فيها حكم من قتل عمداً فلو دخل في هذه القضية المؤمن يقتل الذمي عمداً لكانت مخالفة للحكم الذي قبلها ـ وهذا باطل ـ فلو صحت لكانت بلا شك في المؤمن يقتل المؤمن عمداً، لا فيما قد أبطله قبل أن يقتل مؤمن بكافر. وقالوا (أي الأحناف): معناه لا يقتل مؤمن بكافر حربي، أو إذا قتله خطأ، فكان هذا من أسخف ما أتوا به، وكيف يجوز أن يظن هذا ذو مسكة عقل، ونحن مندوبون إلى قتل الحربيين، موعودون على قتلهم بأعظم الأجر، أيمكن أن يظن أن النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الحال وأمره عليه الصلاة والسلام بالجهاد يتكلف أن يخبرنا أننا لا نقتل بالحربيين إذا قتلناهم، ما شاء الله كان؟ وكذلك في تأويلهم أنه عليه الصلاة والسلام أراد أن لا يقتل مؤمن بكافر إذا قتله خطأ ـ هذا والله يقين الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم الموجب للنار، وكيف يمكن أن يسع هذا في دماغ من به مسكة عقل أن يكون مذ بعث الله نبيه عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة قد أمنا أن يقتل منا أحد بألف كافر قتلهم خطأ ثم يتكلف عليه الصلاة والسلام إخبارنا بأن لا يقتل المؤمن بكافر قتله خطأ ثم لا يبين لنا ذلك إلا بكلام مجمل لا يفهم منه هذا المعنى، إنما يأتي به المتكلفون لنصر الباطل، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أعطى جوامع الكلم، وأمره ربه تعالى بالبيان لنا: فلا، ولا كرامة، لقد نزهه الله عز وجل عن هذا وباعده عن أن يظن به ذلك مسلم"
ويقول ابن حزم أيضاً: "وقالوا في قوله عليه الصلاة والسلام (لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده) تقديم وتأخير، إنما أراد أن يقول: لا يقتل مؤمن، ولا ذو عهد في عهده بكافر ـ وقد صح ـ بلا خلاف ـ وجوب قتل المعاهد بالذمي. فصح أنه إنما أراد بالكافر: الحربي. قال أبو محمد: إذ وجد نص منسوخ لم يحل لأحد أن يقول في نص آخر لم يأت دليل بأنه منسوخ: هذا منسوخ. وقالوا (الأحناف): إن الشعبي هو أحد رواة ذلك الخبر وهو يرى قتل المؤمن بالذمي؟ فقلنا (ابن حزم): هذا لم يصح قط عن الشعبي، لأنه لم يروه إلا ابن أبي ليلى ـ وهو سئ الحفظ، وداود بن يزيد الزغافري ـ وهو ساقط. ثم لو صح ذلك لكان الواجب رفض رأيه واطراحه. والأخذ بروايته. لأنه وغيره من الأئمة موثوق بهم في أنهم لا يكذبون لفضلهم غير موثوق بهم بأنهم لا يخطئون، بل كل أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير معصوم من الخطأ ولا بد، وليس يخطئ أحد في الدين إلا لمخالفة نص قرآن، أو نص سنة بتأويل منه قصد به الحق فأخطأه. فهذا ما اعترضوا به فقد أوضحنا سقوط أقوالهم. وأما احتجاجهم بخبر ابن المنكدر وربيعة عن ابن البيلماني فمرسلان ولا حجة في مرسل. فإن لجوا: قلنا لهم: دونكم مرسلاً مثلهما ـ نا حمام بن أحمد نا ابن مفرج نا ابن الأعرابي نا الديري نا عبد الرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن شعيب: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض على كل مسلم قتل رجلاً من أهل الكتاب أربعة آلاف درهم، وأنه ينفى من أرضه إلى غيرها). وأما قصة عبيد الله بن عمر بن الخطاب، وقتله الهرمزان، وجفينة وبنت أبي لؤلؤة ـ فليس في الخبر نص، ولا دليل على أن أحداً قال بقتل جفينة ـ فبطل بذلك دعواهم. وصح أنه إنما طولب بدم الهرمزان فقط، وكان مسلماً ـ ولا خلاف في القود للمسلم من المسلم، فلا يجوز أن يقحم في الخبر ما ليس فيه بغير نص ولا إجماع. ومن غرائب القول: احتجاج الحنفيين في الفرق بين قاتل المستأمن فلا يقيدونه به، وبين قاتل الذمي فيقيدونه به. فإن قالوا: الذمي محقون الدم بغير وقت، والمستأمن محقون الدم بوقت ثم يعود دمه حلالاً إذا رجع إلى دار الحرب؟ ولا ندري من أين وجب إسقاط القود بهذا الفرق، وكلاهما محرم الدم إذا قتل: تحريماً مساوياً لتحريم الآخر. وإنما يراعى الحكم وقت الجناية الموجبة للحكم ـ لا بعد ذلك ـ ولعل المستأمن لا يرجع إلى دار الحرب، ولعل الذمي ينقض الذمة ويلحق بدار الحرب فيعود دمه حلالاً ولا فرق "
ومن الاحاديث العجيبة ما ورد في صحيح مسلم .
فقد جاء في ( صحيح مسلم بشرح النووي )
الناشر ( مؤسسة قرطبة )
الجزء ( الثالث عشر )
الصفحة ( 55 )
كتاب ( الامارة )
باب ( من قتل كافر ثم اسلم )
حديث رقم 1891 .
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا )
شرح الحديث /
○ قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يجتمع كافر وقاتله في النار أبدا ) وفي رواية : ( لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر أحدهما الآخر قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : " مؤمن قتل كافرا ثم سدد ) قال القاضي : في الرواية الأولى : "يحتمل" أن هذا مختص بمن قتل كافرا في الجهاد ، فيكون ذلك مكفرا لذنوبه حتى لا يعاقب عليها ، أو يكون بنية مخصوصة ، أو حالة مخصوصة . ويحتمل أن يكون عقابه إن عوقب بغير النار كالحبس في الأعراف عن دخول الجنة أولا ، ولا يدخل النار ، أو يكون إن عوقب بها في غير موضع عقاب الكفار ، ولا يجتمعان في إدراكها .
الخلاصة ان الحديث الذي ورد في البخاري عام وليس خاص فليس في الحديث تخصيص كما ذكر ذلك ابن عثيمين واغلب اهل العلم ذكروا بان الحكم عام كما ذكر ذلك ابن بطال واما الاحناف فعجيب امرهم حقنوا دم الذمي وتركوا دم المستأمن والمعاهد اما ابن حزم فقد رد برد منطقي عليهم يبرر هذا الأمر وهناك حديث ذكرناه يضمن للمسلم دخول الجنة اذا قتل كافر والاحتمال وجه تخميني لا تاكيدي .
بحث / ابو ضياء
تعليقات
إرسال تعليق